أخبار العالمأخبار محلية

دلالات تجاهل ترمب للأزمة السودانية في زيارته الحالية للسعودية

بقلم : حافظ حمودة

في زيارته الحالية إلى المملكة العربية السعودية ، ألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب خطابًا حمل رسائل سياسية واضحة تجاه قضايا ملتهبة في الشرق الأوسط ، منها الملف الإيراني ، الحرب في غزة ، الوضع في سوريا ، والعلاقات مع تركيا وإسرائيل . غير أن اللافت في كلمته كان الغياب الكامل لأي إشارة – مباشرة أو غير مباشرة – للأزمة السودانية المستمرة منذ 15 أبريل 2023. هذا الغياب لم يكن تفصيلًا عابرًا ، بل كشف عن تحوّل استراتيجي عميق في أولويات السياسة الأمريكية تجاه المنطقة ، وأثار تساؤلات مشروعة حول موقع السودان في الخارطة الجيوسياسية الجديدة التي ترسمها واشنطن .

تجاهل السودان في خطاب ترمب لا يمكن قراءته بمعزل عن التغييرات الكبرى في أسلوب تعاطي الولايات المتحدة مع أزمات المنطقة . فالإدارة الأمريكية – سواء في عهد ترمب أو خلفائه – لم تعد تنخرط في تفاصيل كل ملف على حدة بل باتت تميل إلى تفويض بعض شركائها الإقليميين بإدارة الأزمات التي لا تُهدد مصالحها الحيوية بشكل مباشر ، خاصة بعد أن تحصلت على تأكيدات من السودان بعدم تفعيل إتفاق القاعدة الروسية على البحر الأحمر .

هذا التحول يعني أمر واحدا محتمل بالنسبة للسودان هو أن ملفه قد تم ترحيله إلى طاولات تفاوض خلف الكواليس في عواصم إقليمية حيث تُدار الملفات وفق تفاهمات غير معلنة .

ترك إدارة ملف السودان لدول الإقليم في مثل هذه الظروف مع طغيان نفوذ أبو ظبي على سائر هذه الدول سيحمل آثارًا عملية سلبية على الأرض ، ويقود إلي مزيد من الوقائع العسكرية .

ما تشهده الساحة السودانية اليوم من تدخلات إقليمية متعددة لا يمكن فصله عن انسحاب واشنطن التدريجي من دور الوسيط المباشر وبهذا تزداد حدة الاستقطاب الإقليمي داخل السودان بين قوى تسعى لتعزيز نفوذها عبر وكلاء محليين في ظل غياب مظلة دولية ضامنة .

إن تأمين دعم دولي فعّال يتطلب تحريك أدوات الضغط السياسي والدبلوماسي وإعادة إدراج السودان في أولويات المجتمع الدولي لا عبر الاستعطاف بل من خلال إستخدام السودان كروت الضغط التي يمتلكها دون تأخير وإلا أصبح لقمة سائغة لاعدائه .

لقد وجّه ترمب بصمته عن السودان ، رسالة غير مباشرة لكنها قوية ، إما أن يعيد السودان إنتاج نفسه كملف استراتيجي له تبعات إقليمية واضحة أو ستبقى خارج الحسابات إلى حين إشعار آخر .

حافظ يوسف حمودة
14/مايو/2025


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى