أخبار العالمأخبار محلية

البرهان في قبضة الصراع : أمريكا تحاصر وروسيا تنتظر على الخط

بقلم : حافظ حمودة

تواجه القيادة السودانية ، وعلى رأسها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ضغوطاً إقليمية ودولية متزايدة للانخراط في مفاوضات جدة مع قوات الدعم السريع لا سيما بعد أن أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في القمة الخليجية مؤخرا حرصه على تفعيل مفاوضات جدة . بينما تتداخل الحسابات المحلية مع أجندات إقليمية ودولية متشابكة. إلا أن مشهداً داخلياً معقداً يتصدره التيار الإسلامي الرافض لأي مفاوضات ، مما يزيد من تعقيد اتخاذ القرار الحاسم بشأن التفاوض أو المضي في الحرب .

تقود الولايات المتحدة والسعودية مساعي لإحياء مفاوضات جدة مدفوعة بتدهور الأوضاع الإنسانية وخطر تمدد الفوضى إقليمياً ، مع تزايد قلق دول الجوار خاصة مصر من آثار الحرب التي تتجه حال استمرارها نحو عدم الاستقرار الأمني وجذب مجموعات إرهابية . كما أن القوى الغربية وعلى رأسها واشنطن تخشى أن يتحول السودان إلى ملاذ لقوى مناهضة لمصالحها أو إلى ساحة نفوذ روسي من خلال اتفاقات عسكرية تفرض النفوذ الروسي على البحر الأحمر .

يبرز التيار الإسلامي الذي يعاني من إنقسامات حادة في السودان كأحد أكبر المعارضين لفكرة التفاوض مع الدعم السريع ، يعود ذلك لعدة أسباب أبرزها اعتبارهم حميدتي المسؤول عن تصفية النفوذ الإسلامي داخل المؤسسة العسكرية عقب إسقاط البشير ، إضافة إلى خشيتهم من أن يفضي أي اتفاق إلى إقصائهم من المشهد السياسي تماماً . سبق وأن سعت عناصر مؤثرة داخل هذا التيار إلى تعطيل مفاوضات سابقة في البحرين وجنيف عبر الضغط على الجيش أو افتعال تصعيد إعلامي ، في مسعى لإبقاء حالة اللاحسم التي تتيح لهم إعادة ترتيب أوراقهم .

من السيناريوهات المحتملة لمستقبل السودان فيما إذا مضت الحكومة السودانية في مسار مفاوضات جدة ، فمن المرجّح أن يُعاد تشكيل المشهد السياسي وفق معادلة جديدة قد تهمش التيارات الإسلامية . مما يترتب على ذلك إعادة توزيع النفوذ داخل مؤسسات الدولة ما قد يدفع الإسلاميين إلى المواجهة المفتوحة أو حتى العمل على إفشال الاتفاق من الداخل بأدوات تتسم بالعنف .

في المقابل إذا رفض البرهان المفاوضات فستستمر الحرب وسط تصاعد التطور العسكري لقوات الدعم السريع ، التي أصبحت تتمتع بدعم إماراتي مكشوف بهدف إنهاك الجيش وفرض أجندتها .

كيف يتعامل البرهان مع الضغوط في ظل خيارات محدودة ومناورة صعبة ؟
البرهان يجد نفسه بين مطرقة الضغوط الدولية وسندان الحاضنة الداخلية خاصة المكونات العسكرية المتنوعة والتشكيلات الإسلامية . التفاوض قد يُعدّ تنازلاً في نظر كثير من أنصاره بينما استمرار الحرب يهدد بزيادة العزلة الدولية . قد يلجأ البرهان إلى تأجيل التفاوض عبر شروط تعجيزية أو تصعيد عسكري ضد الدعم السريع ، مع الإبقاء على قنوات خلفية مفتوحة .

هل اتفاق القاعدة الروسية مخرج أم مجازفة ؟
يبرز اتفاق القاعدة البحرية الروسية على البحر الأحمر كخيار يمكن أن يُستخدم كورقة ضغط أو مخرج تفاوضي . تفعيل هذا الاتفاق قد يوفر للبرهان دعماً روسياً عسكرياً وسياسياً ، ويخلق توازناً مع الضغوط الأمريكية لكنه يحمل مخاطر .
من ردود الفعل الدولية والإقليمية المتوقعة هي أن الولايات المتحدة ستعتبر تفعيل القاعدة الروسية خطوة عدائية وقد تلجأ إلى تشديد العقوبات أو دعم خصوم البرهان سياسياً . وتطلق يد دولة الامارات في زيادة دعمها المفتوح للدعم السريع ، فيما قد ترحب بها قوى مثل إيران أو بعض الأنظمة الأفريقية الغير متراضية مع ابو ظبي .

البرهان وبما يملك من كروت ضغط ساخنة صالحة للمناورة قد تمكنه من إحراز أهداف من بين طيات : مراضاة الامريكان والقاعدة الروسية وإنقسامات الإسلاميين ومغريات محفزة للمصريين . هذا : إذا ما عرف الكاهن من أين يبدأ بأكل الكتف .

حافظ حمودة
17/مايو/ 2025


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى