أخبار العالمأخبار محلية

خبر وتحليل – عمار العركي – بين بانجول ولاهاي… هل يُعيد السودان رسم المعركة؟

____________________________
* في توقيت دقيق وحاسم، شهدت العاصمة الغامبية بانجول انطلاق أعمال الدورة الثالثة والثمانين للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، بمشاركة السودان لأول مرة منذ تعليق عضويته في الاتحاد الإفريقي.
* اللافت هذه المرة أن كلمة السودان لم تكن تقليدية، بل اتخذت طابعًا كاشفًا ومباشرًا، حيث قدم السفير/ الزين إبراهيم، مندوب السودان لدى الاتحاد الإفريقي، خطابًا غير مسبوق، مدعومًا بوثائق وأدلة تكشف بوضوح حجم الجرائم التي ترتكبها مليشيا الدعم السريع في البلاد، والدور الخارجي الذي يقف خلفها، وعلى رأسه الدعم الإماراتي.
* هذا الخطاب القوي لا يمكن فصله عن توقيت انعقاده، إذ يتزامن مع جلسة ستعقدها محكمة العدل الدولية في لاهاي الاثنين بعد غداً، للنظر في الدعوى المقدمة من السودان ضد دولة الإمارات، لمشاركتها في جرائم الإبادة الجماعية عبر دعمها لمليشيا الدعم السريع الإرهابية..

*_لماذا التوقيت مهم_ ؟*

* التحرك السوداني في بانجول يمثل انتقالًا نوعيًا في أدوات المواجهة الدبلوماسية. فالمشاركة في لجنة حقوق الإنسان بعد غياب ، تعني أن السودان كسب أرضًا سياسية جديدة في مواجهة محاولات عزله القاري. والأهم أن ما جرى في بانجول يقدم دعامة سياسية وقانونية للموقف السوداني في لاهاي. إذ لا يمكن تجاهل أن الوثائق المقدمة في اللجنة الإفريقية يمكن أن تُرفد كأدلة ضمن ملف السودان القانوني، أو على الأقل تُستخدم لدعم السردية الرسمية التي تؤطر للعدوان الخارجي لا كاتهام سياسي، بل كحقيقة مدعومة بالأرقام والشهادات..
*_الإعلام كأداة إسناد دبلوماسي وضغط ناعم_*
* ما يجب التوقف عنده هو أن خطاب مندوب السودان في بانجول ليس مجرد إحاطة رسمية، بل مادة غنية وقوية ينبغي تحويلها إلى منصة إعلامية ضاغطة، تسند الجهد القانوني و السياسي في المحافل الدولية، وتُعيد تشكيل الرأي العام الإقليمي والعالمي تجاه ما يجري في السودان.
* نحن في عالم تُصنع فيه القضايا الكبرى عبر المعركة الإعلامية أولاً، فإن توظيف هذا الخطاب عبر القنوات الإعلامية المؤثرة، وبمختلف اللغات، يمكن أن يخلق ضغطًا معنويًا استباقيًا على محكمة لاهاي، ويدفعها للتعامل مع الملف بقدر أعلى من الجدية، خاصة إذا بدا للرأي العام العالمي أن هناك محاولة لتجاوز العدالة أو إفراغ القضية من مضمونها.
* هذا هو التحدي الحقيقي أمام وزارة الخارجية، ووسائل الإعلام الوطنية، والسفارات، بل وحتى النشطاء السودانيين في الخارج: تحويل الخطاب إلى موجة إعلامية أخلاقية ودولية، تُسند موقف السودان وتُصعب من أي تلاعب سياسي بالعدالة.

*_خلاصة القول ومنتهاه_ :*
* ما بين بانجول ولاهاي، يُراهن السودان على أدوات الدبلوماسية الذكية، ويبدو أنه بدأ يستعيد زمام المبادرة في معركة الوعي والحق والعدالة. التحدي الآن يكمن في البناء على هذا الخطاب، عبر تحرك منسق يربط ما يُقال في المحافل السياسية، بما يُقدم في أروقة القضاء الدولي.


Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى