ضل التاية – بروفيسور ابراهيم محمد آدم – دعاوى العلمانية وفصل الدين عن الدولة في حفل تنصيب دونالد ترامب ( 2-5)


مجريات حفل التنصيب وما تطرقنا إليه في مقالنا السابق حري بنا أن نجري مقاربة ومقارنة بينه وما يحدث في العالم الإسلامي الذي تم تقسيمه الى دويلات متناحرة أسموها الدول العربية حتى يتم التفريق بينها والدول الاسلامية رغم أنها جميعاً كانت ولايات في الخلافة الإسلامية العثمانية والتي تم القضاء عليها بما سمي بالثورة العربية الكبرى وهي ثورة مسلحة قادها أمير مكة الشريف الحسين بن علي، بدعم من بريطانيا،واطلق طلقتها الأولى من شرفة منزله في التاسع من شعبان عام 1334ه الموافق للعاشر من يونيو 1916، ضد الدولة العثمانية، لتزايد الشعور القومي عند العرب حينها، ورغبة كثيرين منهم في الاستقلال عن العثمانيين، والتي توافقت مع رغبة بريطانيا في دق اسفين الخلاف بين العرب والأتراك حتى تقضي عليهم جميعاً منفردين فقد كانت الثورة مجرد مؤامرة للتفريق بين المسلمين بدأت اولى خطواتها في ذلك بالغاء وتدمير خط سكة حديد الحجاز الرابط بين عاصمة الخلافة العثمانية والأراضي المقدسة في الحجاز.
كانت نتائجها أذاً كما أرادت بريطانيا حيث يتضح ذلك في رسالة المندوب السامي البريطاني في مصر هنري مكماهون إلى وزارة الخارجية البريطانية في لندن في 14 أغسطس عام 1916، والتي يقول فيها “إن لدينا فرصة فريدة قد لا تسنح مرة أخرى، في أن نؤمّن بواسطة الشريف نفوذاً مهماً على الرأي العام الإسلامي والسياسة الإسلامية، وربما نوعا من السيطرة عليهما”.
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في العالم الاسلامي بحدث تنصيب ترامب ودلالاته الدينية الممنوعة في العالم الإسلامي فتحدث البعض عن كيف يمكن تخيّل لو أن رئيساً عربياً تجري مراسم تنصيبه داخل مسجد بذات طريقة التنصيب في الكنيسة وكيف ستكون ردّة الفعل عليه داخلياً من الذين يدعون العلمانية التي وصفها أحدهم بأن طريقة تطبيقها في العالم الإسلامي تشبه طريقة من يبري قدميه لتلاءما الحذاء وكيف ستكون ردة الفعل الخارجية من قبل مدّعي حقوق الأقليات والإنسان الذين ما وجدوا فرصة إلا وطالبوا فيها الشعوب الاسلامية بالابتعاد عن الدين حفاظاً على وحدتها الوطنية في منطق معوج يجعل الأقلية تتغول على حقوق الأغلبية ثم يحدثونك عن حقوق الإنسان .
لقد شاهد العالم عبر كل وسائل الأعلام كيف ان رئيس أكبر دولة في عالم اليوم من حيث السياسة والاقتصاد والتفوق العسكري جرت مراسم تنصيبه داخل كنسية، وفي بعض الدول في العالم الاسلامي تحدد اوقات الصلاة بدقائق معدودات حتى لا يكون هناك أي حديث في الشأن العام داخل المسجد الذي كان في العهود الأولى المقر الرسمي لقيادة الدولة حين كان الإسلام منهج حياة متكامل،نعم لقد شهد الاحتفال كما اسلفنا صلوات من قبل اتباع الديانتين المسيحية واليهودية اللتان باركتا مراسم التنصيب تلك باعتبارها البداية الصحيحة لفترة رئاسية جديدة ، لم تكن البداية إذاً في مجلس الشيوخ ولا النواب ولا الهيئة الرئاسية في البيت الابيض أو مبنى البنتاغون، وقد اقسم الرئيس ونائبه على الانجيل ولم يقسما بشرفهما الغالي كما تدعي بعض الأحزاب العربية المسماة بالعلمانية ،هذا أن كان لديها اصلا شرف وقد كانت كلمة الرئيس ونائبه كلها عن الله والرب .
وفي مقابل الاختلاط المقصود في كثير من المناسبات في عالمنا الاسلامي كان هناك فصلاً تاماً بين الذكور والإناث في الجوقة العسكرية بحيث تدخل جوقة عسكرية فقط للذكور، وبعدها جوقة عسكرية فقط للإناث.
فرح الجميع كما اسلفنا لأن تلك بداية لمعالجة الانحراف الاخلاقي المترتب على البعد عن الدين، ولعل هذا يؤكد لنا بخلاف ما هو سائد ومعتقد انهم يفتخرون بدينهم ويلتزمون به، بعكس ما لدينا حيث أصبح البعد عن الدين حضاره والالتزام به تخلف. يتبع
Source link